القصة

موكيتي شانيل نديه امرأة من الكاميرون في الثامنة والعشرين من عمرها، وصلت إلى لبنان في 16 أيلول 2019 تاركة عائلتها وراءها، بحثاً عن فرص عمل جديدة تضمن من خلالها تأمين الاحتياجات الأساسية لأسرتها. كانت يولا وراجي صليبا أول أصحاب عمل لها بموجب نظام "كفالة". وبعد مرور عشرة أشهر على مدة العقد، لم يعد بإمكانهم دفع راتبها الشهري البالغ 200 دولار فانتهى بهم الأمر بكونهم يدينون لها برواتب ثلاثة أشهر بقيمة 600 دولار. توصل راجي إلى ما كان بنظره أنه حل: إرسال شانيل للعمل لدى صاحب عمل آخر يمكنه دفع راتبها: أخته أليس بطرس وزوجها المحامي إبراهيم بطرس. لم يأخذ راجي أية أموال من أليس، لكنه طلب منها أن تدفع لشانيل راتبها المستحق لثلاثة أشهر بدلاً من رسوم التوظيف. 

بعد ذلك بوقت قصير، عانت شانيل من مشاكل صحية وعلى الرغم من كثرة شكواها من الألم، أجبرتها أليس على مواصلة العمل. أثناء تواجدها هناك، هربت عاملة منزلية أخرى كانت تعمل في منزل أليس بسبب سوء المعاملة والعمل فوق الطاقة. لذلك، بقيت شانيل تعمل بدل اثنتين. بعد ثمانية أشهر من العمل لدى أليس وإبراهيم بطرس، من المفترض أن تكون شانيل قد قبضت 2.000 دولار. ومع ذلك، لم تدفع عائلة بطرس سوى 350 دولار - أي بنقصان قدره 1.650 دولار. بدأ القلق يساور شانيل. وكما يفعل أي موظف، أصرت على أن يدفعوا كامل المبلغ المستحق لها. أخبرتنا شانيل كيف صرخ إبراهيم وأليس بطرس في وجهها وأهانوها قبل موافقتهم على دفع مبلغ 600 دولار. ومع ذلك، فقد ألغوا الاتفاق بعد طردها من المنزل - في الليل. 

لم يكن لدى شانيل أي أحد تلجأ إليه للحصول على المساعدة، لذلك اتصلت بابنة يولا، مجدلين سليم، التي أخذتها من الشارع وأحضرتها إلى المنزل. بحلول ذلك الوقت، في آذار 2021 كانت شانيل قد أمضت في لبنان مدة عام ونصف. عندئذ، سمعت شانيل عن جمعية "هذا لبنان" واتصلت بنا طلباً للمساعدة في تحصيل راتبها غير المدفوع. مكثت شانيل ثلاثة أسابيع بين منزل مجدلين سليم ويولا صليبا قبل أن تعود إلى الكاميرون في 9 نيسان 2021. 

بعد وصولها إلى ديارها، تم إدخال شانيل إلى المستشفى. من الشائع أن تحتاج عاملات المنازل إلى علاج طبي عند عودتهن إلى الوطن، ليس فقط من أجل الصحة البدنية ولكن للأمراض المرتبطة بالصدمات أيضاً. كتبت شانيل:

"إنه لأمر مؤلم وصادم للغاية. إني حقاً أعاني الكثير. لقد فقدت كل شيء بسبب إبراهيم."

 اتصل مفاوض باسم "هذا لبنان" بيولا صليبا ليسمع القصة من طرفها. أبلغت يولا المفاوض أن شانيل كانت "فتاة طيبة جداً" وعملت لديهم بشكل جيد، ولكن نظراً لكونهم لم يعودوا قادرين على الدفع لها، فقد وضعوها مع عائلة بطرس الذين كان من المفترض أن يكون لديهم المال وباستطاعتهم أن يدفعوا لها بالدولار على الرغم من الأزمة الاقتصادية. وأكدت أنه عندما طردوا شانيل ليلاً، أحضرتها هي وابنتها إلى مزليهما وحاولتا إقناع عائلة بطرس بدفع الراتب المستحق عليهم لكنهم لم يستجيبوا. 

اتصل المفاوض بعدها  بإبراهيم بطرس الذي لم يكن متعاوناً مطلقاً واتهم شانيل بالكذب والسرقة. من وجهة نظره، كان قد اشترى لها تذكرة الطائة لتعود إلى الوطن "على الرغم من المشاكل التي سببتها" وبرأيه، فقد تم إغلاق ملفها. حين سُئل عن إثبات دفعه لرواتبها عبر إيصالات من ويسترن يونيون، ألمح المحامي إبراهيم بطرس إلى أن بإمكانه رفع قضية جنائية ضدها. 

بصفته محامياً، من المفترض أن يكون إبراهيم بطرس على دراية بالتزاماته التعاقدية كصاحب عمل لكي أولاً: يدفع لشانيل في نهاية كل شهر، وثانياً يحتفظ بإثبات الدفع. 

لدى شانيل رسالة لأفراد عائلة بطرس:

"إبراهيم، لقد أخبرتني أن لديك الملايين. ادفع لي مستحقاتي. لا تجعل الأمر يتصاعد". "ميرا، أعلم أنك إنسانة طيبة. أخبري والدك أن يدفع لي أموالي". "أليس، اطلبي من زوجك أن يدفع نقودي. فهو يسمع لك."

تأسس "هذا لبنان" عام 2017 بهدف العمل على إلغاء نظام "كفالة" في لبنان. كان هدفنا هو رفع مستوى الوعي حول مخاطر نظام "كفالة" من خلال الكشف عن المستغلين والظروف المروّعة التي تعيش في ظلها عاملات المنازل المهاجرات بالإضافة إلى الدفاع عن عاملات المنازل المهاجرات ونيابة عنهن. في النهاية، "هذا لبنان" يجعل صوت العاملات مسموعاً ويشجع الشهود على الانتهاكات على أن يتقدموا للشهادة. 

"كفالة" (وهي كلمة عربية تعني الكفالة) تشير إلى مجموعة الأنظمة والممارسات الإدارية المستخدمة لرعاية وتوظيف العمال المهاجرين في لبنان، ومعظمهم من النساء من البلدان الأفريقية والآسيوية يعملن في منازل خاصة. عاملات المنازل مُستبعَدات من قانون العمل اللبناني ويفتقرن إلى تدابير الحماية الأساسية. 

إن نظام "كفالة" يحمي المستغلين ويحرم عاملات المنازل من حقوق الإنسان الأساسية. وهذه الدرجة العالية من القبضة على حقوق العاملات التي يوفرها نظام "كفالة" أدّت إلى حالات العبودية الحديثة والإتجار بالبشر والاستغلال.