القصة

غالباً ما نفترض أن المتعلّمين يفهمون ويحترمون حقوق الإنسان الأساسية. وغالباً ما نفترض أن العنصرية مرتبطة بالجهل. لكن قصة "مابل" هذه سوف تتحدى الافتراضات.

وصلت مابل، نيجيرية الأصل في الثانية والعشرين من عمرها، إلى لبنان في أيلول 2019 وبدأت العمل مع حليم وشريكته (زوجته الحالية)، يوجين حداد، في حزيران 2020. اتصلت بجمعية "هذا لبنان" في أيار 2021 تطلب المساعدة في تحصيل راتبها من حليم. وكان من المفترض أن تحصل مابل على 200 دولار شهرياً - وهو الأجر القياسي للعاملات القادمات من غانا. قال حليم أنها وافقت على قبول مبلغاً أقل وقدره 150 دولار، لكن مابل تعترض على ذلك. عملت لدى حليم لعشرة أشهر ونصف وكان ينبغي أن تتقاضى 2.000 دولار لكنها لم تقبض سوى 625 دولار – أي بنقصان قدره 1.375 دولار - وهو مبلغ كبير لمابل التي غادرت بلدها لإعالة أسرتها.

"نحن نحتفظ بالمال معنا لأنهم يعيشون في بيتنا".

وحين أشار المفاوض إلى أن وزارة العمل طلبت منهم دفع رواتب عاملاتهم في نهاية كل شهر وأن حجب رواتبهن هو انتهاك للعقد، لم يكن حليم مهتماً سوى بالمال الذي دفعه مقابل مابل لمكتب الاستقدام، وبأنها لا تريد العمل، حسب قوله. قال إن مابل وافقت على استلام أجرها كل ستة أشهر. نفت مابل بشدة هذا قائلة أنها بحاجة إلى إرسال راتبها إلى عائلتها بانتظام لإعالة أسرتها. ولم ينفِ حليم أنهم يدينون لمابل برواتب ستة أشهر. كانت كلماته الختامية: "فليتصل أحد من لبنان ولست بحاجة إلى من يحدثني عن القانون."

تابع "هذا لبنان" الموضوع مع حليم على واتسآب، حيث عرض دفع ثمن تذكرة مابل. قلنا له أن بإمكانه دفع جزء من راتبها قبل مغادرتها والباقي على دفعات بعد عودتها إلى بلدها، المهم هو عدم ترك ديونه للعاملة مابل تتراكم أكثر. فلم نحصل على ردّ. بعد خمسة أيام، قررت مابل الهروب، ودفعت 100 ألف ليرة لبنانية (مال حصلت عليه من صاحب العمل الأول) لسائق سيارة أجرة ليأخذها إلى القنصلية النيجيرية. قامت العاملة من غانا في المنزل بمساعدتها، والتي أخبرت حليم، لكي تحمي نفسها، أن رجلين قد أتيا وأخذا مابل بعيداً.

ثم كتب حليم إلى عائلة مابل: "لقد جاء رجلان، ربما من موظفي السفارة، وأخذاها من منزلي الريفي. أبلغت عنها السلطات. إن ما فعلته غير قانوني. ارتكب الرجلان اللذان جاءا وأخذاها جريمة بالدخول إلى بيتي أثناء غيابي وبمساعدتها على الهروب. كما أنها ارتكبت جريمة بهروبها."

اتصلت جمعية "هذا لبنان" بحليم مرة أخرى، مشيرةً إلى أنه كان من ضمن حقوق مابل المغادرة منذ أن خرق العقد بعدم دفع أجرها لأكثر من ثلاثة أشهر متتالية. طلبنا منه الوفاء بالتزاماته التعاقدية تجاهها من خلال إعادة جواز سفرها وشراء تذكرة لها ودفع الراتب المستحق لها. كما أرسلنا له رابطاً لمقطع فيديو أعدّته مابل (الموجود في الجزء العلوي من هذه المقالة).

جاء رد حليم:

"إن تنمّركم وتهديدكم بالنشر لا يثير قلقي أبداً. لأنني مؤمن حقاً بأن الحقيقة دائماً تسود. إن فعلتم أو ستفعلون أي شيء لتشويه اسمي أو اسم زوجتي، فسأقاضي منظمتكم. مابل خرقت القانون اللبناني بالفرار. والاشخاص الذين جاؤوا الى منزلي، ربما موظفو السفارة، قد خالفوا القانون بدخولهم منزلي. وقد أبلغت النائب العام عنهم. كما قلت، ما زالت مابل تكذب، لقد تعاملنا معها كفرد من العائلة، لا نتعرّض لها أبداً. في اليوم الذي تقول فيه الحقيقة وتعود إلى منزلي، يمكنني حينها اتخاذ الترتيبات اللازمة لسفرها وإسقاط الدعوى. وحتى ذلك الحين فهي هاربة."

لعدم رغبتها في العودة إلى نيجيريا خاوية الوفاض، لم يكن أمام مابل خيار سوى العمل بدون وثائق مما أدى إلى استغلالها من قبل وكيل غير مسجّل وعديم الضمير. عادت إلى نيجيريا بعد ثلاثة عشر شهراً، في حزيران 2022.

ما زال حليم يرفض الدفع للعاملة مابل مبلغ 1.375 دولار الذي يدين به لها.

وعندما أتيحت له الفرصة للتعليق على هذه المقالة، أجاب على النحو التالي

هذه المقالة مليئة بالادعاءات والافتراضات غير الصحيحة كما ذكرتموها وليست سوى تشهير شخصيات واتهامات كاذبة. إننا نمنعكم من استخدام أو نشر صور أفراد عائلتنا. فهذه حملة تشهير من جانبكم ضدنا والغرض منها ابتزازنا وتهديدنا بالنشر على وسائل التواصل الاجتماعي. هناك محكمة عدالة تم إحداثها لتسوية هذه الأمور، إن وجدت. أنتم تقومون بدور القاضي وهيئة المحلفين، من أعطاكم هذا الحق. تفضلوا برفع هذه المسألة إلى محكمة العدالة، لكن نحذّركم بأنه إن واصلتم حملة التشهير ونشر أيٍ من هذه الأمور الكاذبة، فلن يكون لدينا خيار آخر سوى السعي لاتخاذ إجراء قانوني بشأن أنشطتكم غير القانونية".