القصة

إن رواية قصة فاطمة حسن إندريس لن تعيدها من القبر، لكنها ستفضح المظالم التي عانت منها على يد أصحاب العمل؛ الظلم الذي قد يصل إلى حد القتل بسبب الإهمال. 

كانت فاطمة إثيوبية من قبيلة أورومو. وبحسب أوراقها الثبوتية، فهي من مواليد 10 كانون الثاني 1985، ما يعني أنها كانت في السادسة والثلاثين من عمرها حين وفاتها. إن تاريخ وصولها إلى لبنان بالضبط غير معروف، لكن تقديرياً كان عام 2016. وأول صاحب عمل لها كان رجلاً مسنّاً اسمه علي محمد إبراهيم في الجناح بضاحية بيروت، بالقرب من فندق سمرلاند. عملت لديه مدة عام لكنها تركت منزله لأنه كان يؤذيها جسدياً ولا يدفع لها. 

بعد أن هربت فاطمة من منزل علي، وجدت نفسها في الشارع وليس لها مكان تذهب إليه. صادفتها ندى كمال سكر، صاحبة محل ستائر صغير في الجناح، فأخذتها إلى بيتها. وفي تلك اللحظة، انتقلت فاطمة من المقلاة إلى النار. عملت ما يقارب الأربع سنوات لدى ندى – بدون أوراق نظامية، محبوسة في الطابق العلوي، ولا يُسمح لها بالتحدث إلى أحد. قالت بأنها لم تقبض ليرة واحدة وكانت تتناول إندومي فقط (نودلز يتم تحضيرها بدقيقتين). بعد أربع سنوات من الاستغلال، أصبحت فاطمة بحالة صحية خطيرة للغاية. أخذتها ندى لإجراء فحوصات التي كشفت عن عدة نواح مثيرة للقلق تتطلب عناية طبية فورية. وبدلاً من أن تحصل على العلاج، طردتها ندى. قام "هذا لبنان" بمراجعة الصور ومقاطع الفيديو التي شاركها أحد زعماء الجالية الإثيوبية، والتي تُظهر أنه في وقت مغادرة منزل ندى، كانت فاطمة تعاني من سوء تغذية حاد. 

مرة أخرى، وجدت فاطمة نفسها في شوارع الجناح بلا مكان تذهب إليه. أمضت خمسة أيام نائمة تحت الجسر قبل أن تجدها بعض النساء الإثيوبيات ويأخذنها إلى مستشفى رفيق الحريري. مكثت في المستشفى خمسة عشر يوماً في كانون الأول 2021. وبعد خروجها من المستشفى، تلقت فاطمة الرعاية من قبل بعض أفراد الجالية الإثيوبية، ومنهم من ذهب لمواجهة ندى حول استغلالها لها ومحاولة تأمين بعض أجور فاطمة. كانت ندى عدوانية تجاههم ورفضت الدفع أو الإقرار بأي إساءة.

في 3 آذار 2022، تم اعتبار فاطمة أخيراً قادرة على السفر وعادت إلى إثيوبيا بمساعدة قنصلية ومجتمعية. للأسف ، ماتت في ملجأ في أديس أبابا في 11 مايو 2022 قبل لم شملها مع عائلتها.

بعد وفاة فاطمة، اتصلت مفاوضة "هذا لبنان" بندى لسماع وجهة نظرها في القصة. استمرت ندى في تغيير تفاصيل شهادتها. ومع ذلك، اعترفت بأنها لم تكن تدفع لفاطمة وقالت أن السبب هو أن فاطمة كانت ضيفة وليست عاملة. ألقت باللوم على فاطمة في طلاقها زاعمة أن فاطمة كانت ممسوسة وقالت أنها أحضرت مشايخ دين إلى المنزل لطرد شياطين فاطمة. وقالت بأن زوجها (السابق؟) أخذ فاطمة إلى المختبر لإجراء فحوصات التي كشفت أنها مصابة بفقر الدم. طلبت المفاوضة نسخاً من الاختبارات ولكن على الرغم من الوعود الكثيرة بإرسالها، لم يرسلوها مطلقاً. استطاع "هذا لبنان" الحصول على نسخ من نتائج فحص الدم بدون مساعدة ندى. وكشفت الاختبارات، التي أجريت في 15 تشرين الثاني 2021، عن خلل في عشر مناطق مختلفة. وكان ينبغي طلب العلاج الطبي؛ لكن لم يحصل ذلك. اعتبرت ندى أنها قامت بعمل إحسان مع فاطمة بانتشالها من الشارع. زعمت أنها أفسدتها بالدلال وأعطتها طابقاً كاملاً من المنزل لها وحدها. وقالت أن فاطمة كانت فقط تأكل وتشرب وتنام ولا تقوم بأي عمل آخر. قالت، في الواقع، إنها لم تطلب منها العمل خوفاً من أن تؤذيها فاطمة. 

يعتقد "هذا لبنان" أن هناك أدلة كافية للسلطات اللبنانية للتحقيق مع ندى كمال سكر بشأن معاملتها لفاطمة. على أقل تقدير، فقد احتفظت بعاملة منزل بدون وثائق وغير مدفوعة الأجر في منزلها لأربع سنوات. وفي أسوأ الأحوال، هي مذنبة بارتكاب جريمة قتل بسبب الإهمال. ربما لو تلقت فاطمة عناية طبية سابقة ولم تتضور جوعاً، لكانت على قيد الحياة اليوم.